سيرة / السالك ولد سيدي ولد محمد محمود ولد احميد القلاوي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته *بسم الله الرحمن الرحيم* والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فحياكم الله وأحياكم جميعاً إخواني الكرام إسمحو لي أن أعرض على حضراتكم ورقة تعريفية أو نزرا قليلا من سيرة رجل قل نظيره وندر مثيله في أيام زمانه وخصوصاً في مجتمعه الذي كان يعيش فيه. صحيح أنه كان رجلا عادياً بمفهوم من تعلقت قلوبهم بالدنيا وظنو أن مناصبها الزائفة الزائلة هي المعيار للرفعة والشموخ ونسي هؤلاء أو تناسوا أو جهلوا على الأصح أن الذي يرفع الله به عباده المؤمنين هو هذا الدين الحنيف والعلم الرباني الذي يتمثل في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى(( *يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات* )) لذلك قلت كان رجلا عادياً بمعنى أنه لم يكن سياسيا ولا شيخ طريقة صوفية ولا حتى شيخ قبيلة لكنه كان تقيا نقيا وفيا غنياً خفيا يتمثل فيه حديث (( النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه *إن الله يحب الرجل التقي الغني الخفي* )) نعم أيها الكرام الحقيقة أننا عندما نريد أن نتحدث عن العظماء ينبغي لنا أن نتساءل هل نحن سلكنا طريقهم لنكون مثلهم أم يكفينا التغني بسيرهم والفخر بجليل أعمالهم ويزداد الأمر تحتما إذا كان الذي نتحدث عنه أبا أو جدا أو عما مثل عظيم قصتنا هذه ولله در من قال (*ليس الفتي من يقول كان أبي إن الفتي من يقول ها أنا ذا )* وإنني لعلى يقين الآن بأن أعناقكم قد اشرأبت لمعرفة هذه الشخصية البارزة : نعم ذالكم هو الوالد رحمه الله رحمة واسعة _وأنا هنا أقول كلمة الوالد عن قصد وعمد وذلك لأنبه علي أمرين اثنين أولهما أن عم الرجل صنو أبيه كما قال عليه الصلاة والسلام وثانيهما أننا كعائلة بفضل الله تعالى تربينا علي جملة من القيم العظيمة والمبادئ الكريمة التي تورث الألفة والمحبة وهذا لاشك من آثار تربية الآباء لنا على تلك الأخلاق النبيلة حيث أننا لا نفرق بين العم والأب في الخطاب والمعاملة فالكل يحظي من الجميع بتقدير وإجلال وتوقير واحترام جزاهم الله عنا خير الجزاء فعلينا أن نحافظ على ذلك الإرث القيم والكنز الثمين ولايدفعنا حب الحضارة والتحضر والشعور بالذات وحب الظهور حتى نرمي كلما بنوه لنا وجدناه لديهم من قيم واخلاق فاضلة : ومن هنا فكل ما سناتي به عن هذا العالم الجليل هو نزر قليل من سيرته العطرة الزاخرة بالقيم والمعارف أوهو قطرة من بحر هائج متلاطم الأمواج أو إن شئت فقل هو غيض من فيض من حياة هذا العملاق الهمام اوهذا الجبل الاشم بل هو العلامة الرباني والشيخ الوقور -وإليكم الآن 📷( بطاقة تعريفه الشخصية ) ذلكم هو 📷🍀السالك ولد سيدي ولد محمد محمود ولد احميد📷🍀 (صفته الشخصية ) كان رجلا طويل القامة عريض المنكبين كث اللحية وضيء الوجه حلو المنظر لا يشبع منه جلساؤه لحسن خلقه ولطف عباراته وجميل سجاياه ( تاريخ ميلاده ) ولد بجوار تامشكط سنة/ 1890/ تقريباً وكان أكبر أخوانه الخمسة مات عنه أبوه وهو في سن الصبا ولكنه ترك له أما كانت خيرا من كثير من الرجال فقد سارت الركبان بأمجادها وتغنى شيوخ القبائل بمحاسن أعمالها فقد كرست حياتها وضحت بالغالي والنفيس لأجل أبنائها الستة حتى حفظو القرآن الكريم وربتهم أحسن تربية ونشأتهم على الفضيلة والرجولة وجميل السجايا والأخلاق تلكم هي الكريمة فاطمة بنت نوح 📷📚معارفه الجمة 📷📚 عرف العالم الجليل الرباني بالعلم الغزير ابتداء من العقيدة الصحيحة والتمسك بهدي السلف الصالح كما حفظ القرآن الكريم واحكامه المتعلقة به كالرسم والظبط وأحكام التجويد في سن مبكرة ومع حبه لتلاوة القرآن الكريم دائما وانشغاله بتعليمه للناس ودعوتهم إليه والاهتمام بتحفيظه لهم كانت هذه هي البصمة البارزة في حياته علما بأنه حفظ الكثير من السنة النبوية الشريفة فى حين أن الاسد الهمام لم يترك نصيبه من الحفظ للكثير من كتب المذهب المالكي المعمول به في البلاد الموريتانية كالمدونة والشيخ خليل ورسالة بن أبي زيد القيرواني وابن عاشر والاخضري وغير ذلك من كتب المذهب :: تنقل رحمه الله تعالى في طلب العلم الشرعي في منطقة أفلا وما حولها من المناطق " ( مشايخه ) فمن مشايخه افاه ولد الشيخ المهدي عالم السنة في أيامه والشيخ حمود ولد متاري عالم التوحيد في تلك الفترة وغيرهما : كان العلامة الجليل السالك ولد احميد يرجع إليه في الفتوي في المنطقة التي عاش فيها مع كراهيته لذلك لشدة ورعه حتى أن الشيخ ولد الغوث وهو شيخ فخذ من فخوذ القبيلة التي يرجع إليها ضيف حلقتنا هذه : طلب منه أن يتولي القضاء والإفتاء في قرية الحلة في واد أم الخز ورفض ذلك رفضاً باتاً كان العالم السالك ولد احميد بارعا في اللغة العربية والنحو والبلاغة كان أغلب وقته مشغولا بطلب العلم وتحصيله بحيث أن مجلسه في أغلب الأحيان مجلس مدارسة للعلم كان رحمه الله يحب النكت العلمية ويهتم بها حتى أن زميله لغاثة ولد محمد المصطف وهو من علماء البلد كان يقول لأهله وطلابه لا أحب إلا مجالسة السالك ولد احميد لأنني استفيد من علمه الغزير كان رحمة الله عليه زاهدا في الدنيا علما أنها أتته وهي راغبة كان متورعا عما في أيدي الناس عرف العلامة السالك ولد احميد بأخلاقه الرفيعة وتواضعه الجم وبساطته المتناهية مع ترفعه عن سفاسف الأمور وخوارم المروءة كما كان السالك ولد احميد صواما قواما قانتا كما أنه كان شاعراً أديبا يحب الشعر ويقرضه كما كان يحب الخيل ويحسن ركوبها لذلك ملك منها ما ملك حتى مات وترك بعضها لورثته كان العالم الجليل السالك ولد احميد غنياً بعفته وعفافه وتعففه كما كان ثريا بالمال غنياً في الحال ولا يفوتك أيها القارئ الكريم أن تعلم أن السالك ولد احميد كان حدادا فارها بارعا في الصناعة التقليدية بجميع أنواعها وأشكالها ابتداء من صناعة السلاح الخفيف مرورا بسروج الخيول والجمال وببري الأقلام للكتابة وصولا الي بري الأوتاد التي تثبة بها الخيام كما كان يصنع الحرف الرائعة والتحف الجميلة الفريدة من نوعها لذلك جمع بين علم الدنيا وعلم الآخرة في آن واحد كان رحمه الله يجلس على زندانه ويشعل الكير ويقول لأحد طلابه أنفخ لنا الكير ويقول للآخر تفضل لأشرح لك حصتك وهكذا حتي يشرح لكل طالب مادته العلمية ولا يثنيه ذلك عن عمله الذي يعيش منه لأنه كان يحب أكل الحلال لذا كان يعيش بكد يمينه وعرق جبينه فما أحلاها من عيشة جميلة : تخرج على يديه الكثير من حفظة كتاب الله تعالى بعضهم من أقاربه والبعض الآخر من أبناء الجيران والمناطق المحيطة به ولك أن تسأل أي شخص من لهواشم أو أهل الطالب جدو أو أهل التاقاطي عن هذه السطور التي كتبتها عن هذا العالم فسيجيبك بنعم عن صحتها وصدقها لأنهم اعرف الناس به بعد أبنائه وذويه بحكم الجيرة والسكن اللهم إلا إذا كان كان جاحدا حاقدا فتلك مشكلته هو :: كان رحمة الله عليه برا بأمه حتى صار هو وإخوانه يضرب بهم المثل في البر بأمهم الي يومنا هذا كان رحيماً باخوانه يحبهم ويحبونه كما كان يحب المزاج وملاطفة الصغار كان يهتم بصلة ارحامه والإحسان إليهم قدر المستطاع مليحا في كلامه عطوفا بعباراته الرقيقة يحب أن يدخل السرور على من حوله : أثرت عنه مناقب جمة وكثيرة وطرائف جميلة لا تحصى ولا تعد فمن الطرائف والعجائب التي أثرت عنه أنه كان يذهب إلى السوق لا يريد أن يشتري أي حاجة وليست لديه أي مهمة وإنما للتفكر في تدبير الله تعالى لشئون خلقه ليري الأبيض والأسود والأحمر هذا قادم وذلك راجع وقوم يبيعون وآخرون يشترون وهكذا وعندما يرجع الى سكنه يقول لجلسائه ذهبت اليوم إلي السوق ورأيت فيها عجبا ولكني لم أجد شيئا أعجب لي ولا أجمل من كتاب الله تعالى :: أيها الإخوة الأعزاء هؤلاء هم العلماء والدعاة الذين جمعوا بين الدين والدنيا والآخرة رحمة الله عليك فقد ابكاك شانئوك قبل أن يبكوك محبوك ومن عجائبه أنه كان كثير الحرص على اكتشاف كل شيء حوله حتى قاده ذلك إلى الانتقال بين جل رجال وقادة التصوف وجالس كل واحد منهم فترة من الزمن حتى يطّلع بنفسه على ضلالهم وفساد عقائدهم يقول عنه حفيد أخيه محمد غالي القربوزي الشيخ أبو عمر وهو بالمناسبة من طلابه المقربين منه يقول حدثني ذات يوم قال كنت يوما جالسا فجاءت أمرأة إسمها النوهة بنت أحمد حماه الله ومعها بعض سدنة أبيها تريد مني أن أصوغ لها بعض الحلي وهو ما يعرف بالخلاخل غالباً ما تكون من الفضة النقرة فقلت لها أبشري لكن كمية الفضة المطلوبة ثمنها كذا وأجرتي أنا كذا فصاح أتباع أبيها المرافقين لها مستغربين من هذا الكﻻم كأنه منكر من القول وزور يقول فصرخت في وجوههم قائلا أتعرفون من انا قالو من أنت قلت لهم انا رجل ذو عيال وأنا من يصرف عليهم لذلك أكسب المال من عرق جبيني وكد يميني وهذه امرأة أبوها ثري وانتم تعبدونها من دون الله فإن شئتم ادفعوا عنها المال فضحكت هي وقالت كما تحب انت كم تريد فقلت لها اما ما أريده أنا سوف أريك اياه الآن يقول فرددت جمالي وشددت رحلي وانطلقت عنهم وتركتهم في ضلالهم وغيهم يعملون : عرف الشيخ العلامة الجليل السالك ولد أحميد بكرهه للباطل وأهله وأهل الشرك والكفر على رأس هؤلاء الكفار اليهود والنصارى والمنافقين كان يعلم أهمية الولاء والبراء كما كان يحب في الله وبغض في الله حتى أنه وهو في مرض موته في المستشفى كان الطبيب الصيني الذي يعالجه لما يأتيه ليتفقد حاله كبقية المرضى يتصدد عنه بوجهه حتى لا يراه مع علمه أنه في حالة اضطرار لعلاجه فسبحان الله العظيم لم تستوي القلوب وكل ميسر لما خلق له ومما ذكر عنه أبو عمر وهو يسأله عن محبة أهل البدع يقول فقلت له هناك شيء اسمه المحبة يقصد أهل الطرق الباطنية فيرد عليه المحب للمبتدعة أكثر شرا من المبتعة أنفسهم ثم أردف يقول محب لمن ولماذا أحبهم بل يجب بغضهم يقول أبو عمر كنت عنده وأنا عمري إثنتا عشر سنة فقرر على حفظ كتاب الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد فقلت اشرحهما لي فقال لي إذا كبرت سوف تفهما الله أكبر لله درك انظروا معي كيف تجلت عبقرية وسمت تربيته فالصغير يحتاج إلى أن يعود على الحفظ فقط نعم سوف تفهم لكن بعد أن يقوي عودك وينضج فهمك يقول أبو عمر وأذكر أنه كان كثيرا ما يقرأ كتابا لشيخ الاسلام بن تيمية إسمه الكلم الطيب وآخر لابن القيم كانا عنده مع ندرة مدرسة التوحيد في زمنه في ذلك المجتمع ثم يحدث كل من يجلس معه بالعلم وسمعنا منه وهو يحدث بعض جلسائه بأساليب في غاية الروعة والجمال لإيصال التوحيد للقلوب بطريقة نادرة في الظرافة والذكاء : وكأنه عميد كلية الأزهر أو مدير جامعة مكة المكرمة علماً أنه لم يعتب يوماً من الأيام باب مدرسة ::لكنه التقوى ( والتقوا الله ويعلمكم الله ) ثم أنه لم يكن يماري بعلمه السفهاء ولا يجادل به الفقهاء بل كان يتجاهل منزلته العلمية ولا يعلق حتى على أخطاء كثير من بعض الفقهاء رغم كثرتها وانتشارها وعوارها مع تصدر بعضهم للفتوى وهو لا يحسنه ولا يجيده :: يقول محمد قالي القربوزي ولقد كانت الخمسة والأربعون يوما الأخيرة من حياة عمنا السالك ولد أحميد عبرة لكل من يعتبر كان قد أصابه مرض في منطقة الفخذ لم يعرف الأطباء ما هو ذلك المرض إلا أنه كان ألم شديد جدا متواصلا طيلة الوقت وكان الأطباء رغم عجزهم عن معرفة هذا الداء أمروا بالذهاب به إلى المنزل والصبر عليه لعلي الله أن يمن عليه بالفرج والعافية من عنده سبحانه : فعندها أمر شباب أسرته وأبناء بناتهم بأن يتناوبوا عليه بقراءة القرآن خلال الأربع والعشرين ساعة وبشكل متواصل فكلما تعب قارئ خلفه أخر لا يفترون فاستجاب الجميع لأوامره وأذكر أنني عندما يأتي دوري أول ما أستعيذ بالله من الشيطان لأقرأ يذكرني بالآية التي توقف عندها القارئ الذي كان قبلي وإذا ما أخطأ أحدنا رد عليه رغم شدة المرض والوجع والألم ولا يستطيع أحد أن يقول أنه خلال تلك الخمس والاربعين يوما سمع منه أي كلمة سوى القرآن الكريم والقرآن فقط : وعند دخول وقت الصلاة ينهض وكأنه لم تكن به علة صحيح الجسم معافي البدن ويقوم ويتوضأ ويصلي ثم يعود إلى ضعفه وعجزه عن الحركة فيضجع على فراشه فسبحان من منحه القوة عند دخول وقت الصلاة (*وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال من حفظ الله في الرخاء حفظه الله في الشدة*) وفي اليوم الأخير من حياته وكأن لديه إحساس وموعد مع قضاء الله المحتوم أمرهم بتقليم أظافره وقص شاربه وتهيئته وفي نفس الوقت كان يظهر عليه حسن وجمال غير معهود حتى كنّا نظنه قد بدأ يتماثل للشفاء ولكنها إنما كانت رحمة من الله تعالى به ظهر منها القليل للحاضرين ونرجوا منه جلت عظمته أن يكون قد ادخر له منها الكثير والكثير ثم ما لبثنا إلا قليلاً حتي فاضت روحه الطيبة الطاهرة إلي بارئها نحسبه ولا نزكيه على الله فإنا لله وانا اليه راجعون هذه شهادة حفيد أخيه أحمد وهو بالمناسبة أي أحمد هو الذي أشرف على الفصل الأخير من حياة أخيه السالك حتي توفاه الله ودفنه وهنا لابدّ من إشارة لطيفة وتنبيه بسيط وهو أن العالم السالك ولد أحميد الذي يكني أبهاه مات في بيت ابنته عائشة التي كان يمرض فيه وكانت هي من أقرب أبنائه وبناته إليه في ذلك الوقت حتى أنه كان يسميها الزاكية وفعلاً هي كذلك : علماً بأنهم جميعا لم يقصروا أبدا لاشك نسأل الله تعالى لهم جميعاً أعلي الجنان :: ولعلنا بحول الله تعالى إن كان في العمر بقية سوف نتعرض للكشف عن حياة العالم الجليل أحمد ولد أحميد لاحقاًً أسأل الله أن يرحمهم ويدخلهم الفروس الأعلي من الجنة وان يجمعنا معهم في دار كرامته إنه جواد كريم وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً الي يوم الدين كتبه الفقير إلى ربه محمد محمود ولد أحمد ولد أحميد ابن أخي العلامة صاحب القصة 📷📷 📷🌸/ بتاريخ/ 15/ مارس من سنة 2018 م 📷

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قبيلة لقلال ... في سطور

أولاد سيد بوبكر المعروفين محليا ب"شرفاء لقلال

نبذة مؤجزة عن قبيلة الاقلال